قست قلوبنا .. وربي قست !!
متى دمعت عيناك آخر مرة؟.هل كان دمعها من خشية الله ؟.
هل دمعت وأنت تتلو كتاب الله ؟. عفواً ....
متى قرأت كتاب الله آخر مرة ؟.
أم متى سمعت كلام الله يُتلى عليك ؟ وهل أصابك الخشوع إذ سمعته ؟ .
آهٍ من قسوة قلوبنا . وآهٍ من غفلتنا عن ذكر الله . كلنا ندعي حب سلفنا الصالح ، فهل كانت صحبتهم للقرآن كصحبتنا له ؟.
هل كانوا لايقرأونه إلا يوم الجمعة ؟. هل كانوا لا يخشعون عند تلاوته ؟.
هل كانوا يقرأونه ولا يعملون به ؟.
قال الله تعالى : (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
(سورة الزمر - اية 23 )
فهل تقشعر جلودنا حين نسمع كلام الله أو نتلوه ؟
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعبدِاللهِ بنِ مسعودٍ " اقرأ عليَّ " قال : أقرأُ عليك وعليك أُنْزِلَ ؟ قال " إني أحبُّ أن أسمعَه من غيري " قال فقرأ عليهِ من أولِ سورةِ النساءِ . إلى قولِه : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا . فبكى . قال مسعرٌ : فحدَّثني معْنٌ عن جعفرِ بنِ عمرو بنِ حريثٍ ، عن أبيهِ ، عن ابنِ مسعودٍ . قال : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ ، أَوْ مَا كُنْتُ فِيهِمْ " ( شكَّ مسعرٌ ) .
الراوي:عبدالله بن مسعود المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 800
خلاصة حكم المحدث: صحيح
كم قرأ أُناسٌ : (( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )) (سورة البقرة -اية 275 )، ثم لم يتورعوا عن الربا .
وكم قرأ أُناسٌ : (( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))
( سورة النور - اية 30 )
ثم أطلقوا لأبصارهم العنان كأن لم يقرأوها أو لم يعلموها . ما أعجب أحوالنا اليوم ، معاصينا كثيره ، وأمننا كبير، وآمالُنا عريضة ، كأن الجنة ما خُلقت إلا لنا ، وكأننا لم نُذنب ولم نُقصِّر ولم نُضيع الأوقات .
أوقاتُنا تضيع في غير طاعةٍ ولا طلبِ علم ٍ ولا أمرٍ بمعروفٍ ولا نهيٍ عن منكر، ورغم ذلك تُقرِّبُنا الأيام والليالي من آجالنا وتُبعدنا الأماني الفارغة عن الاستعداد لما أمامنا فلا حول ولاقوة إلا بالله .
كم دمعت أعينُ أناسٍ لا من خشية الله ولكن تأثراً من نهايةِ مسلسلٍ حزين ، أو حُرقةً لهزيمة فريقٍ في مباراةٍ ، أو شوقاً إلى وهمٍ خادع لكنها مع الأسف لم تلتحق بركب من يبكون من خشية الله ،
ذلك أنها ربما لم تكتحل تلك الأعين برؤية حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله ومنهم : ( رجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) .
أسأل الله الكريم أن يعينني وإخواني المسلمين وأخواتي المسلمات على تفقد أنفسنا ومراجعة أحوالنا والتوبة إلى الله من تلك الذنوب والمعاصي التي أعقبتنا قسوةً في قلوبنا وقحطاً في مآقينا وتمادياً في غفلتنا .
اللهم اشرح صدورنا لتلاوة كتابك وتدبره ، واجعلنا ممن تطمئن قلوبهم بذكر الله ، ومن عبادك الصالحين المنيبين المستغفرين واغفر لنا ولجميع إخواننا المسلمين ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ، ووفقنا لما تحبه وترضاه ..