غَريبة هي
الكرة ، وغَريبة هي ترتيباتها و رسائلها . فما فَرقته الجغرافيا و ترتيبات
القدر ، تَجمعه اليوم حركات و غمزات الساحرة المستديرة.
رُبما
قد لا تُسجل العدسات ما وَراء الأَعين و لُغة الوجوه ، ولا تُفصح الشاشات
عن لغة العيون . فلا علاقة اليوم بين "الألمان" و "الانجليز" ، ولا علاقة
ايضا بين "الاليانز أرينا " و " الستامفورد بريدج". غير أن هناك علاقة
أخرى أكبر و أعمق ، من الجغرافيا و الدول ، وحتى من القرابة و الدم .
اقرأ أيضاً
فما
فرقته كل تلك الدروب ، جمعته الصلة بين "أوزيل" "دي ماريا" "ميليتو"
"شنايدر" و " دروغبا " . ببساطة هم من إنتاج يد واحدة خبَزت وشكلت ، وعلى
نار الدوريات المتعاقبة سوت و لمعت . إنهم تلاميذ مدرسة "المو"، بل هم
جواسيس وعملاء مافيا ، عرابها السبيشل وان ، فكما في الشطرنج ليس هنالك
جواد خسران . أيضا في الميدان
فالفيل الأسمر ينفع في اليوم الأسود، ربما ليس هنالك من شيء محسوم ، غير أن الأكيد أن العيار الذي لا يصيب قد يخدش. وهذه هي حسبتها الصح .
هل آن للزمان أن يتمنّع و يدور على الكبار :دراما من نوع جديد ، و تراجيديا ، لم
يتعودها نجوم الإسبان . هاهم يتفننون اليوم في تمثيلها على مسارح
المستضيفين في ذهاب الدور نصف النهائي ، دور كنا لنتقبله على الريال الذي
أكد تاريخه مع الألمان ، ووضح بالصريح أن العملاق البافاري بلا شك دابته
السوداء ، على الأقل فوق خشبة 'أليانز أرينا'،دور يتكرر بصفة عجيبة مع
المارد الكتلاني ، الذي أفلت لمرة من كماشة الأزرق التشلساوي في ليلة
مثيرة لها قصتها ، وحلت عليه لعنة "الستانفورد بريدج " بهدف سيكون له وقع
النار على الحديد المطواع إن سارت الامور على هوى القادم من جنة كرة القدم
"دي ماتيو" ، و الذي ينفجر مع كل نزال.
دوري الأبطال ..ساوى الرؤوس ولو على الهزيمة . صدفة أخرى ، وقعها من حقيقة مرة ، تجرعها
من قيل انهم أبطال كلاسيكو النهائي المرتقب على أرض الألمان لكن بأقدام
الإسبان،رؤيا لا زال القول بصدقها مؤجلا ، حتى لا يصبح الٌإقصاء بيد
الالمان و الانجليز لكن هذه المرة على أرض الإسبان .
الرؤيا
نفسها و التي جاءت في أول الليل بضغط جد كبير على رجال مورينهو ، على بعد
خطوة من الانتقال الى موقعة أرض الكتلان ، نفسها إنتظرت أبناء غوارديولا
مع فجر أزاح النقاب عن منهزم جديد سيحضر كلاسيكو السبت ، وإذن قبل الدخول
الى الملعب ليس هناك غالب ولا مغلوب . ربما تكون رؤيا أخرى تستطيع
الإنعكاس فوق عشب "الكامب نو" فيتكرر سيناريو "كأس الملك" ويكون البرشا و
الريال سواء في الهزيمة و التعادل .
هدف الفيل الأسمر ، وزنه ذهب عند مورينهو .جتى ولو لم يتأهل تشلسي ، أو حتى بايرن
بصفة نهائية ، فإن مورينهو سيظل شاكرا تلميذه النجيب على تحيته ، ربما
لكونها ستزيل الضغط عن رجاله ، بل وللأنها قد تزرع الشكوك نفسها في صدور
محاربي الكتلان . على الاقل تلهي اقلام الصحافة الاسبانية الطويلة الألسن
عنه أيام قبل مواجة ميسي و الرفاق . فتوفر عليه من الهمين هما .
وتجعل
الإستعداد للموقعة يمر في ظروف أكثر سلاماً ،وأمام هذا الهدف الحاسم ، و
النتيجة المهمة من جهة ، و الغير حاسمة و مطمئنة من جهة أخرى ، ستعود بنا
إلى الصورة الأولى ،وهي أن مورينهو لا يملك اوراقا خاسرة ، فكلما حل
البرتغالي إلا و حمل معه وجوها جديدة تملك الحسم في وجوده ، ولا تنسى
تقديم التحية بعد رحيله .
ربما
تكون كل التحليلات قاصرة ، إذا لم تضع في الحسبان العبقرية الباهرة لكل
نجم على حدة . فإن تعود 'الانجليز' و 'الألمان' على الدفاع الصلب و الفعال
، فإن ميسي ورونالدو تعودوا على طعم و نشوة الإنتصار . مما يجعل نسيانهم
لها أمرا أشبه بالمستحيل. ويجعل متعة الكلاسيكو تزيد و تزيد .
فهل هذه هي "حسبتها الصح"، أم أن لمتتبعينا في جول العربي حسبة أصح؟